إنّ (الأمل) لا يعني
(أمنية فارغة) أو (حلم يقظة) أو شروداً في الخيال والأوهام، هو (ثقة) أنّ ما نحلُم به يمكن أن يرى النور، سواء من
خلال وعد الله الصادق فيه، أو من خلال سعينا الجادّ لتحقيقه، أو من إجتماع
الاثنين معاً.
إنّ الأماني التي تحقّقت، والآمال التي أُدركت، هي تلك التي لم تبق في
دائرة التمنِّي أو الخيال، بل حرّكت العزم الحاضر لاقتناص المستقبل
الواعد.. يقول الشاعر:
لا تسعَ للأمْرِ حتّى تستعدّ له **** سعيٌ بلا عُدّةٍ قوسٌ بلا وَترِ
لم ينج نوحٌ ولم يَغرق مُكذِّبهُ **** حتّى بنى الفُلكَ بالألواح
والدُّسُرِ
للأمل في السير نحو المستقبل دوره الكبير، فهو أحد أهمّ الدوافع التي
تجعلنا نغذّ السير باتِّجاه غدٍ أفضل. لكنّ الإرادة – بما هي قوّة تحريك
ودفع ذاتي – تجعل الآمال ممكنة التحقّق والأحكام قابلة لأن تصبح حقائق
ووقائع.
الإرادة مقوّم أساس من مقوّمات الوصول إلى أهدافنا مهما كانت كبيرة وعظيمة،
ولذا جاء في الحديث: "لو تعلّقت همّة أحدكم بالثّريّا
لنالها"، والثّريّا نجم في أعالي السّماء
لكن رغم أهمية (الإرادة) الا أنها وحدها ليست كافية،
فكلّنا نريد الخير ونحبّه ونتمنّى أن نعمله، وبدون (التعبير عن الإرادة)
تبقى الإرادة مثل الطاقة الموجودة في محطّات بنزين.. هي طاقة لكنّها غير
موظّفة وغير مسخّرة.. بعد أن تُعبِّئ بها خزّان البنزين وتُشغِّل ماكينة
السيارة وتضغط على دوّاسة البنزين، عندما تحوّل (الطاقة) إلى (حركة)، وهذا
هو معنى التعبير عن الإرادة.
فأنا أريد النجاح لكنّ تعبيري عن هذه الإرادة هو جدِّي واجتهادي وبذل أقصى
ما يمكنني للوصول إلى النجاح، وبدون هذا التعبير تبقى الإرادة وقوداً في
محطّات البنزين.
يُحكى أنّ (نابليون) امبراطور فرنسا كان يكره من الكلمات ثلاثاً: (لا أقدر)
و(لا أعرف) و(مستحيل).
فكان جوابه للأُولى: (حاوِل)، وللثانية (تعلّم)،
وللثالثة (جرِّب)!
الكثيرون ممّن يمكن أن نطلق عليهم بالناجحين في الحياة يؤكّدون حقيقة مهمّة
وهي أنّ ما حقّقوه من عطاءات ومشاريع كانت تدور في أذهانهم كأحلام، لكنّهم
لم يعيشوا تلك الأحلام على طريقة بعض الكسالى الذين يمنّون أنفسهم بعسى
ولعلّ، بل نقلوا تلك الأحلام من خيالات تطوف في الذهن إلى مخطّطات على
الورق ومن ثمّ إلى مشاريع عمليّة يعيشونها في الحاضر، أي أنّهم خطّطوا
للوصول إلى جزر أحلامهم ليحيلوها بسعيهم وجهدهم المثابر إلى حقائق واقعة
وناطقة.
وعلى هذا فالمستقبل = أملٌ + إرادة +
سعي في الحاضر.
وقد صدق الشاعر الذي قال:
لا تحسب المجدَ تمراً أنتَ آكِلُهُ **** لن تبلغ المجدَ حتّى تلعق الصّبرا